أن يكون بعد التوبة خيرا مما كان قبلها:
شرط قبول التوبة أن تكون بعد التوبة خيرا مما كنت قبل أن تتوب.. المداومة على الطاعات وفعل الخيرات.. إنّ التفريط في الطاعات بعد التوبة دليل على أنك سوف تنكص على عقبيك وأن الله لم يقبل توبتك.
ثانيا:
ألا يزال الخوف من العودة الى الذنب مصاحبا له:
لا يأمن مكر الله طرفة عين.. فالمؤمن ينظر الى ذنبه كأنه في أصل جبل.. يخشى أن يهوي فوق رأسه.. والمنافق ينظر الى ذنبه كأنه وقعت ذبابة على أنفه.. فقال بها هكذا.. قال تعالى:{ أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون* أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين* أو يأخذهم على تخوّف فإن ربكم لرؤوف رحيم} [النحل: 45-47].
وقال تعالى:{ أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون* أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون* أفأمنوا مكر الله، فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون* أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم، ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون} [الأعراف: 97-100].
وقال تعالى:{ فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا، وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} [العنكبوت:40].
كمثل أحدهم يذنب.. فتقول له: تب.. فيقول: أنا في كل صباح أقول:" سبحان الله وبحمده" مائة مرة فتغفر لي ذنوبي.. فأصنع طوال النهار ما أريد.. فهذا خاسر.. من كيسه ينفق.. على نفسه يجني.. فلعل الله أن يطبع على قلبه ويأخذه على معصيته فيضيع.. إذا تبت فألزم قلبك الخوف.. ولا تأمن مكر الله..
واحذر أن يفتر خوفك فيكون الرجوع من حيث أتيت.
ثالثا:
انخلاع القلب وتقطعه ندما وخوفا من العقوبة العاجلة والآجلة:
قال الله تعالى:{لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطّع قلوبهم} [التوبة: 110].
وقال عز وجل:{ وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [ التوبة:118].
رابعا:
كسرة خاصة لا تحصل الا للتائب:
ومن موجبات التوبة الصحيحة أيضا: كسرة خاصة تحصل للقلب لا يشبهها شيء.. ولا تكون لغير المذنب.. لا تحصل بجوع.. ولا حب مجرد.. وإنما هي أمر وراء هذا كله.. تكسر القلب بين يدي الرب كسرة تامة.. وقد أحاطت به من جميع جهاته.. وألقته بين يدي ربه طريحا ذليلا خاشعا..
فليس شيء أحب الى الله من هذا الكسرة.. والخضوع والتذلل.. والإخبات.. والإنطراح بين يديه.. والإستسلام له.. فلله ما أحلى قوله في هذه الحال:" أسألك بعزك وذلي إلا رحمتني.. أسألك بقوتك وضعفي.. وبغناك عني.. وفقري إليك.. هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك.. عبيدك سواي كثير.. وليس لي سيد سواك.. لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك.. أسألك مسألة المسكين.. وأبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل.. وأدعوك دعاء الخائف الضرير.. سؤال من خضعت لك رقبته.. ورغم لك أنفه.. وفاضت لك عيناه.. وذل لك قلبه".
فهذا وأمثاله من آثار التوبة المقبولة.. فمن لم يجد ذلك في قلبه فليتهم توبته.. وليرجع الى تصحيحها.. فما أصعب التوبة الصحيحة بالحقيقة.. وما أسهلها باللسان والدعوى.. وما عالج الصادق شيئا أشق عليه من التوبة الخالصة الصادقة.. ولا حول ولا قوة إلا بـالله...
إن التائب تحصل له كسرة خاصة لا تكون لغير التائب.. كسرة تامة قد أحاطت بالقلب من جميع الجهات.. ألقته بين يدي سيده طريحا ذليلا خاشعا.. منكسرا سريع الدمعة.. قريب الذكر لله.. مخبتا خاشعا منيبا.. رطب بذكر الله.. لا غرور ولا عجب ولا حب للمدح.. ولا معايرة ولا احتقار للآخرين بذنوبهم.. وإنما دائم الفكر في الله سبحانه وتعالى عز وجل...